الخميس، 3 سبتمبر 2009

رحلة البحث عن خالد بن طوبال

حين تستعمل كاتبة خيالها فتكتب عن شخصية اخترعتها ثم تخرج للبحث عن هذه الشخصية فهو جنون.
و حين تقرأ امرأة الرواية و تقرر اقتفاء أثر الكاتبة و شخصيتها ماذا يكون ذلك؟
البس ما شئت، سرح شعرك أو اتركه منكوشا، لمع حذاءك أو البس خفا لا أحد يهتم لأمرك…
في العاصمة أصبح على طبيعتي ، و أتصرف على سجيتي أدخل المكتبات أتفرج على المحال التجارية، أشتري أفلاما على الرصيف، هنا أجد هامشا من الحرية افتقده بشدة في تلك المدينة الصحراوية المتزمتة.
خرجت من مكتبة العالم الثالث في ساحة الأمير عبد القادر محملة بعناوين كتب اشتريتها و قررت التوقف لشرب شيء في مقهى قريب.
كان تمثال الأمير عبد القادر في مواجهتي و تذكرت ما كتبته أحلام مستغانمي عن حجم التمثال الذي لا يتناسب مع عظمة الأمير في رواية فوضى الحواس…
تراني مثلها أخلط الحياة بالأدب؟
لقد خرجت بطلة روايتها في عز الفوضى و الإحتجاجات لملاقاته،
خالد بن طوبال ذلك الرجل الذي قفز من رصيف الأزهار الذي لم يعد يجيب، إلى جسور قسنطينة و منها جاء إلى العاصمة ..
رجل عابر للزمن عابر للمدن عابر للروايات و عابر للأحلام…
هل كان مالك حداد يعرف أن بطله سيعيش أكثر منه؟
هل يوجد حقا رجال يشبهونه في شكله و وسامته و خيبته المريرة؟ هل يوجد؟
كنت أتساءل و أنا أتأمل وجوه المارين من خلف نظراتي السوداء…
ماذا حدث له بعد أن عاد لقسنطينة لدفن صديقه؟
هل بقي هناك؟
هل عاد إلى العاصمة؟
أنا هنا الآن ماذا لو ذهبت بحثا عنه؟
قال انه يقيم في شارع العربي بن مهيدي..أي على بعد خطوات فقط
أغادر المقهى،
عندما جاءته كانت العاصمة على فوهة بركان، أما اليوم فالجو جميل و مشرق يغري بالتنزه و السير لا غير.
أذوب في الزحام، دقائق و أجد نفسي في شارع العربي بن مهيدي، لم يقل رقم البناية فقط ذكر الطابق الرابع.
أدخل أول عمارة تصادفني، السلالم نظيفة أجد نفسي أمام أبواب عديدة أي شقة هي له أي باب هو بابه؟
أطرق أول باب و أنتظر
يفتح الباب من خلفه يطل شاب حليق الرأس تماما ينظر الي باستغراب لكنه يسألني بأدب جم و فرنسية أنيقة
ـ نعم بماذا أخدمك؟
بالتأكيد ليس هو لا أتصور رجلا مثله يرتدي برمودا و يضع حول عنقه سلسة من فضة
ـ هل تقيم هنا؟
ـ نعم هل من خدمة؟
ـ هل تسمح لي بالدخول أرغب فقط في إلقاء نظرة على المكان؟
يبدو أنني فاجأته، أي جنون هذا؟ في لحظة اعتقدت انه سيصفق الباب في وجهي، دون كلمة رأيته يفسح لي الطريق و يدعوني للدخول…
ـ أرجوك
هذا البيت لا يشبهه، الصالون مفروش بذوق أنثوي رفيع.. الستائر شفافة.. السجاد فاخر ، المكتبة التي تشغل حائطا باكمله لا تحتوي على أي كتاب لكن الكثير من الكريستال و التحف، الشرفة مشرعة اخرج اليها فيبدو لي الشارع في الأسفل يتدفق حركة و ضجيجا.
في مثل هذا المكان وقفت في مثل هذا المكان قبلها.
الشاب يتأملني باستغراب و ذهول، هل أقول له أنني أتطفل على أبطال رواية لم أكتبها؟ هل أشرح له أنني أردت أن أقف حيث وقفت و أرى بعيوني المناظر التي أطلت عليها؟ هل أقول له أنني أبحث عن رجل ربما كان اسمه خالد و ربما أقام هنا؟ تراه سيفهم؟
ـ شكرا أتمتم و أسرع بالخروج يحاول أن يستوقفني لكنني لا التفت.
في الشارع أتنفس بعمق
هاتفي النقال برن زوجي يسأل : أين أنت هل تهت ؟
ـ نعم على ما يبدو.
يضحك مني : ابقي مكانك سآتي لأخذك.
ابتسم لنفسي، ما دام هناك من يهتم لأمري لن أضيع أبدا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق